الأرشيف

»لبنان الآن« معرض بسبع شاشات في جمعية الفنانين

التكنولوجيــا فــي خدمــة الفــن

حوار في المسرح الافتراضي لناديا أفريد (بلال قبلان)
كتابة بالالوان لريكاردو مبارخو

احمد بزون
يكثر استخدام التقنيات الجديدة في الفن. فبعد استخدام الفيديو أتى دور الكومبيوتر، الذي تتطور علاقة الفن التشكيلي به يوماً بعد يوم، بل إن استخدام الكومبيوتر بات اليوم وسيلة أو أداة لاستخدام الإنترنت، ولا بأس بعد ذلك أن يكون العمل الفني، بعدما تخطى اللوحة والمنحوتة، معروضاً على شاشة، وقد تأتي الصورة من بعد. بل أن يستخدم هذا العمل، بعد تخطيه الريشة والإزميل، أحدث الوسائل التقنية وأكثرها تعقيداً، أو آخر ما توصلت إليه عبقريات البرمجة الرقمية.
»لبنان الآن« عنوان المعرض الذي تضمن ما أشرنا إليه، والذي أقيم بين ٢١ و٣٠ حزيران الماضي في صالة جمعية الفنانين اللبنانيين، بمشاركة تسعة فنانين وفنانات، ضم سبعة أعمال، أي سبع شاشات كومبيوتر كبيرة، تعرض الأعمال المنجزة.
فور دخولنا المعرض شعرنا بنوع من الغربة، فالذي نراه ليس معرضاً تشكيلياً، بل يبدو للوهلة الأولى لعبة تكنولوجية، وبالتالي لسنا من زبائنه، وقد أتينا إلى المكان الخطأ. لكن مع دخولنا البطيء إلى تفاصيل الأعمال، بدأت الصورة تتغير، لنخلص في نهاية الأمر إلى أن اللعبة الفنية تقوم على تلك العلاقة المتبادلة بين الفن والتكنولوجيا، حيث إن كلا الطرفين يحتاج للآخر ويتناسج معه. إنها في أي حال تجربة أو تجريب في التعبير عن حضور لبنان في العالم من خلال وسائل الإعلام.
ريكاردو مبارخو، الأستاذ في الألبا، لعب الدور الأساسي في إقامة هذا المعرض، متعاوناً مع إدارة الجمعية، وعلى رأسها الفنان شوقي شمعون، وقد غطت وكالة التنمية التابعة للولايات المتحدة نفقات المعرض المرتفعة، مقارنة بمعارض تشكيلية عادية.
قدم ريكاردو عملاً بعنوان »مشاهد رقمية من لبنان«. وفي الزاوية التي احتلها لوحات رقمية تظهر فيها ألوان تتداخل وتتعاقب، بصيغة هندسية لا توحي بأنها لوحة تجريدية، إنما توحي بأنها لعبة لونية، ثم يفاجئنا الفنان بأن المشاهد اللونية التي ترونها هي ملفات اتفاقي الطائف والدوحة والمعاهدات اللبنانية السورية واتفاق القاهرة والدستور اللبناني، وما إلى ذلك من اتفاقات ومواثيق... كل ذلك موجود، على ذمة ريكاردو، في تلك السجادة اللونية التي نراها لوحة على الحائط. أراد ريكاردو أن يدخلنا في الجو أكثر، ويقنعنا بما يقدمه لنا من بِدَعٍ جديدة، فكتب اسماً على شاشة الكومبيوتر، قبل أن يضغط مفتاح تحويل الاسم المؤلف من حروف عربية، لنجد أن الاسم صار صفحة ألوان على الشاشة أمامنا، كل حرف له لون، فاللون صار شيفرة الحرف، والعكس بالعكس. كلمة مؤلفة من أربعة حروف، إذاً، تصبح صفحة بأربعة ألوان، فأي صفحة تلك التي تحتوي على ملايين الكلمات، كما هي في الاتفاقات، والدساتير، و... كل اتفاق لبناني أو مع لبنان يتحول إلى مشهد لبناني رقمي ملون. إنه طموح لبناني في حمل صورة وطن إلى العالم.
الخطاب المنقذ
يوسف شوقي أدخلنا في لعبة المساهمة في إعمار لبنان، عندما حوّل خريطة لبنان إلى مقاطع تشكل مجتمعة لعبة بازل. حيث كل قطعة من الخريطة تتصل بخطاب زعيم سياسي، فيمكن لتركيب قطعة، أي لخطاب ما أن يخربط الوضع ويعيدنا إلى بداية اللعبة، ويمكن أن تكتمل الخريطة بصعوبة ويحدث الانتصار، فتنتهي اللعبة. حاولنا عدة مرات، تركيب الخريطة، فلم نفلح، كان هناك ثمة خطاب سياسي يضرب النتيجة، لا بل خطابات كثيرة جربناها فلم نفلح في استكمال خريطة لبنان. فمن يستطيع أن يعرف الخطاب الذي ينقذ البلد؟
ربيع خليل يبحث في شبكة لبنان عن أي حرف من حروف »لبنان« في كل مواقع الإنترنت، ونحن نستطيع أن نفعل ذلك، فتجتمع أمامنا كل النصوص الموجودة على الشبكة المفتوحة على العالم، يحضر مثلاً عنوان صحيفة ليبراسيون لأنه يحمل ثلاثة حروف من لبنان. إنه حضور لبناني ملغوز، وأسلوب في البحث عن لبنان في العالم، بل حتى اختراع وجوده.
حوار
جان لوي إده وهايلا صعب ديميليرو يستخدمان موقع الاتصالات »سكايب« للتراسل بين الأهــل المنتشــرين في العالم أو بين المُهاجر والمقــيم. كامــيرا مثبتة في أحد شوارع برشــلونة تنــقل عــبر الإنترنت بثــاً مباشــراً من بــلاد المهــجر، ومواقع الــتراسل مفتوحة. هكذا يحضر هنا »لبنان الآن« عــن طريــق التراسـل من بعد.
منصور الهبر يضعنا أمام سؤال »كيف فقد إصبع يده اليمنى؟«. يضعنا أمام احتمالات، فنتأرجح بين الصح والخطأ حتى نصل إلى عام انفجــار الحــرب الأهلية اللبنانية .١٩٧٥ بين اللعــب والجــد تظهر الحقائق في هــذا المعــرض، مرة بجديــة عالية، ومرة أخـرى بهزل وسخرية بيضاء أو سوداء.
شربل هبر ويارا رفول قدما موقعاً صوتياً على الإنترنت بعنوان »الساعة السادسة«. تتحرك الرسوم والصور والموسيقى بمزيد من التجريد الذي يحملنا إلى لبنان الآن. أما ناديا أفريد فتعرض حواراً مسرحياً افتراضياً، يتحاور فيه ممثلان، يقرآن نصّيهما من مواقع شبكة جزص. كلام وضجة وموسيقى، يستطيع الواقف أمام شاشة الإنترنت أن يغير الحوار، منطلقاً من نصوص لبنانية لسياسيين ومثقفين وفنانين، منشورة في المواقــع اللبــنانية. إنــه تحويل مسار الحوار الدولي في اتجــاه لبنان.

< المقال السابق رجوع المقال التالي >

إقرأ للكاتب نفسه
  • ليس موتاً إنما خطأ في الحساب 02/07/2008

  • هوامش الفن 01/07/2008

  • الكلفة باهظة والإرث الفني في خطر والدولة آخر من يفكر في الدعم 30/06/2008

  • الفن معركة والمزاج ينقلب على نفسه 28/06/2008

  • حاصر حصارك 24/06/2008

الأكثر قراءة في الصفحة
   
منع ٤ دواوين شعرية 24%
صوت للموسيقى الصعب 15%
التكنولوجيــا فــي 15%
رأسمال الروح 12%
ميكا وحداد وبابيان 11%
 
نسخة للطباعة إرسال المقال
جريدة-e
حكايات و رسومات للأطفال
استفتاء